١٥‏/٠٤‏/٢٠٠٨

كـنــــــا جنــــــود

انها قصة الغد حيث ارض فلسطين و قد انتشر بها الطغيان و اشتدت شوكة اليهود و بدأ التطهير العرقى للجنس العربى على الأرض المقدسة ... يرتكبون اثمهم بأسم عقيدة فاسدة لأفظع الجرائم دون ندم ... يجدون انفسهم قد نالوا شرفا قد بحثوا عنه طويلا لكنهم وقعوا داخل دائرة الثأر و قد دارت عليهم الدائرة حين تتوحد الجيوش العربية و تقاتل فى سبيل البقاء ... فى سبيل الحرية ...
يتشتتون كعهدهم القديم و يتشرذمون لفصائل مترامية محاصرة منهارة
لكنهم يقاتلون الى النهاية
و كأنه الشرف الوحيد الذى نالوه لكى يموتوا و قد ظنوا انهم جنود

فى بقعة ما من أرض الميعاد ...

كانت هذة اللحظات بين مجموعة من الجنود اليهود ....

تخلفوا عن غارة صهيونية للأرض المقدسة ..

محاصرين من مناضلين فى سبيل الحرية ....

بحثوا عن ثأر سنين منهم .....

ولم يجدوا إلا جنود يخشون الهلاك ......

. يندمون على ما اقترفوه و كانت قصتهم .....

فى سكون الليل و القمر بدرا ......

الكل قابع فى مثواه ينتظر النهاية .......

شبح الخوف و الموت يحلقان ......

تشعر بهم من خلال الريح ....

تحمل إليك رائحة الدم و الموت .......

بعد قتال شرس و عنيف تساقط منا الكثير و نحن الباقون ....

و لا أحد يدرى الى أين سنذهب فى ظل هذا الحصار

لقد بدأنا القتال كأنه نزهة و نحن الان بين يدى الموت محاصرون ......

و تحت ضؤ القمر مكثت أبحث فى الوجوه الملطخة بالدماء

احصى من أعرفهم ... من فقدتهم .. و من سأفقدهم

الجرحى يتألمون فى انين مكتوم ... و الذين بقوا ينتظرون الموت ......

ربما يصلون ...فهذا وقتها نعم وقت الصلاه لتسأل الرب لعله يجنبك الفناء ساعة .....

رأيته من بعيد يتلقى جرعة ماء ....

ينزف نزيف الموت و الدماء تغطى وجه الشاحب الذى يموج بذكريات أليمة .....

يتمنى الموت فهو المريح لآلامه و عذاب ما رآه ....

ينظر لمن حوله عابثا ... يصرخ من الفزع....يتشنج و يحتضر

يسأل بعينيه الثقيلتين الخافتتين ....

يبحث عن أصدقائه و عقله يصور له أحبابه و هو يذوق سكرات الموت....

لم يجد أحد يجيبه ...

الجميع واجمون ...

صامتون ....

قابعين فى اماكنهم يسترجعون ألام الخوف الماكث فى ضلوعهم ....

يقبضون على السلاح و هم جالسين القرفصاء ....

يطلقون النار على أوراق الشجر....حيث تهب الريح من خلف البيوت المهدمة ...

يبكون ... يتأملون فى فزع ... يا الهى ما هذا الدمار .... ماذا أقترفت أيدينا ....

و أنا جالس فى مكانى أتذكر من سبقونا الى الخلاص ...

الى الموت......

أتذكر من فارقونا و تركونا فى هذا الجحيم .... لقد ذهب الجميع ... كانوا جنودا أقوياء ....
وحينها بدأوا فى التلاشى من الوجود ... واحدا تلو الآخر ... نعم فأنا أتذكر هذا اليوم جيدا ...

يوم أن هوجمنا من قبل العرب ...
انى استرجع ذكريات هذا اليوم الاليم .... كأنه أمامى .....

الراوى: تيودور تقدم .... ماذا بك !!؟؟؟؟

تيودور: نعم أنا هنا ...... أنا قادم ......

لكنه لم يأتى أبدا فقد قتل مع الأخرون ... و مثله ذهب جيفين .. و ديان .. و الكثير ...

لقد تلاشى الجميع و نحن هنا نتظر كلمة القدر .. الى متى نتظر الخلاص ..

فليقتلونا الآن أو ليذهبوا الى الجحيم ... ما هذا التيه ... بأى شرف خضنا هذه الحرب ...

لم كتب علينا الأختباء خلف جثث قتلانا .....

لا تشرق الشمس حتى نذوق طعم الفناء

نتمنى الموت دون انتظار ....

إنها أنوار من بعيد ... ترى من سيكون التالى ...

أنا ....

هو....

ذاك ... لم نعرفه ابدا !!!!

لكن ما عرفناه هو سلاحنا بين ايدينا ... فهو املنا الوحيد .... ويا له من أمل

صاحبنا القتل دوما .... و الآن هو صديقنا لنبقى على قيد الحياه ..

أرى شابا من بعيد جالسا يرتعد من الخوف ...

وجهه ملىء بالفزع و الطين ... ينهمر منه العرق ...

أراه أقرب من البكاء و الانهيار ... لكن لادموع ... لقد جفت

لم تعد موجودة ... لقد هم واقفا .... نظرات الفزع فى عينيه ....

انفاسه تتلاحق بسرعة رهيبة ... يصرخ ملوحا بسلاحه ................

الشاب: لم أعد قادرا على الأحتمال ..............

وهم بأطلاق النار ..... أطلق بعشوائية فى كل اتجاه ...... دون تميز او رؤية لهدف ....

كأنه يقاتل شبحا من الجحيم

لم يستتر .... او يحتمى من طلقات الموت .... كأنه يرحب بصديق حميم ...

فاجأته قذيفة فى وجهه ..... عبرت و اخترقت أذنه ....

كانت تبغى رأسه .... ترنح و الجميع يصرخ به ..... لا تفعل لا تفعل ....

لكن لا يسمع ..... فقد سكت عالمه .... و شرع يبكى و يصرخ و يضحك .... يترنح .... يكاد يهوى ... لكنه صامد

كأنه يرى جنته ..... او يبحث عن الخلاص .... لقد فقد الاحساس بما حوله ...

و بدأت حواسه فى التلاشى واحدة تلو الأخرى ....

أراد قتل نفسه لكن أصابته طلقة أخيرة أخترقت قلبه ... و أنهار .... الى الخلاص ........

ايكون القدر ساخرا لهذه الدرجة ... حتى الموت لا نستطيعه ... أكتب علينا أن نموت بأيدى أعدائنا و ما هم بأعداء

....كتب علينا الموت فى أرض غريبة قالوا لنا انها ارضنا ... ارض الميعاد .... و ما هى الا مقبرة للجميع ...

نعم .... الجميع .... حتى أنا .... لم أعد قادرا على معرفة الحقيقة .... أهذا هو القدر .... اهذه هى النهاية ....

أهذه هى الحياة التى اتنفسها و اتذوقها .... اتجرع فيها العذاب ...

كان موت هذا الشاب مؤثرا .... لقد رحل الكثير ... لكن هذا الشاب كان مختلفا ....

لقد تركنا الى الخلاص وفتحت ابواب الجحيم علينا .... و لم نعد نعرف من اين سيأتى الموت ....

لقد تذكرت عمى الذى يقطن فى الريف .... كنت قد كتبت له ... ذكرت له ذهابى لهذه الحرب اللعينة ...

كنت منتظرا للحظات الفخر فى عينيه و هو يقول .............

العم : نعم ... هذا ابن أخى .... أنه جندى ....

لقد رعيناه كل هذه السنين انا وزوجتى .... بعد ان توفى والداه...

لقد أصبح رجلا .... انا فخور به لأنه شرف للعائلة و دولتنا !!!

كنت أحلم وقتها ببستان من الورود ... امكث فيه ما حييت ... اعبث بما تبقى لى من ذكريات مع والداى

ازرع الزيتون .... و التفاح .... أعيش فى سلام أبدى .....

لكنى ذهبت للحرب ... و مثلى ذهب كثيرون ...

كنت أحلم و انتظر عودتى منتصرا من هذه المعركة ... أذهب للعخهام ليباركنى !!!!!!

العخهام : لقد نفذت مشيئة الرب يا بنى ... انت الان مستعد لدخول الجنة !!!!

لكن أى جنة .... و أى مشيئة .... أهذه مشيئة الرب !!!

منذ متى .... اكان سفك الدماء و قتل الابرياء و العزل ... هى المشيئة ؟؟

انها لم تأتى ابدا من هناك .... من السماء .... لقد خدعونا ..... ن

عم قذفوا بنا الى الجحيم ... بأوامر سماوية كاذبة ...

لقد سرنا مدججين بالمعصية ... تزداد آثامنا يوم بعد يوم ....

لقد غرقنا فى وحل من العذاب .... نتفاخر بعدد قتلانا من الابرياء ...

سرنا فى هذا الوحل و نحن لا نشعر

و نسينا اننا كنا جنود ...!!!


يدانا ملوثة بدماء القتلى تحمل الاثم فى حق من قتلناهم ....

امرأة .. طفل .. رجل

الكل سواء الكل واحد امام الفناء

الفناء الذى نشرناه ... و ننتظره الآن ...

كنا نقتل و نعتقد اننا ملكنا الحياه ... يتوسل الينا الرجل حتى لا نقتل ولداه ...

نطلق النار و لا ننظر خلفنا و عيوننا واسعة تطلق شرر من الجحيم تصب بجام الغضب على كل ماهو حى ...

كأننا جنود الشيطان نفسه على الأرض تنفذ مشيئته...أملا فى وعد كاذب...

لقد اعتقدنا اننا نعبد الرب فى هذه الحرب و ماعبدنا الا الشيطان ... فقبرنا الجميع ... دون أى انسانية ....

أطلقنا النار على البشر كأطلاق النار على الجياد .... و نظنه قتل السادة للعبيد.

انه ... لكن مهلا ... ما هذا الصوت ... انه انين ... هذا الجريح .... مازال منذ الامس يئن.... ساءت حالته للغايا

ترى بما يشعر الان ... لقد أقترب من نهايته بعد طول انتظار ... عاش حتى يتذوق ما اقترفته يداه ...

لا تنزعج يا صاحبى .. انه الخلاص .. قادم لا محال ...

ذكرنى بتيودور .. كان بجوارى حين كنا فى نزهة مدججين بالسلاح ... ناديت عليه .... و انا اشعر بالقوة و الثقة

الراوى: تيودور تقدم .... ماذا بك !!؟؟؟؟

تيودور: نعم أنا هنا ...... أنا قادم ......

الراوى : اوجدت شىء عندك

تيودور : لا ... مجرد جثث ... لقد ذبحوهم زملائنا المظليين .....

الراوى : اين الاخرون

تيودور : فى أعقابى ... انهم يجهزون على من تبقى حيا

لكن ما هذا الصوت ... انه صوت قذيفة ... يا الهى ... انها تتجه نحونا ... انهم المقامومون .....!!!!

و بعدها كان انفجار ... لقد فقدت توازونى و اندفعت بعيدا فاقدا للسمع و البصر

لحين ... لا أدرى كم مكثت هكذا إلا اننى استرجعت بصرى اولا .... لأرى سحب الدخان .... وأجد نفسى ملطخا بدمائى و أشلاء زملائى .... ناديت على الأخرين .... لا أحد يجيبنى .... لا اسمع شىء ... دب فى قلبى الفزع .... أأنا حى ام ميت ...

انا حى حتما .... و حاسة السمع عادت لدى ... نعم انى اسمع جيدا ... انها أنين ... أنين زملائى !!!

استجمعت قواى لأنهض اتفقد جثث القتلا منهم ... لعلى اجده حيا ... لكن لا جدوى ... رق الى سمعى صوت انين جريح .... انه تيودور .. يا الله ... ماذا فعل بنا هؤلاء العرب ... ان الجميع قتلى ...!!!

كان بين زراعى .... يآن من الألم ... وجهه ملطخ بالدماء .... اصابته قاتله .... لن يمكث كثيرا ...

لقد ذهب .... توسلت اليه كثيرا ليصمد لكنه ذهب ... أغلق عينيه ببطء و بدى كأنه يغفوا قليلا لكنه كان مع موعد مع ثبات ابدى .. لقد مات و تحت ضوء القمر كما تمنى ... فما أسوء الموت فى جنح الظلام ....

جلست مكانى ... و انين الجريح مازال فى أذنى ... أنظر الى السماء المرصعة بالنجوم ... كانت هذه النجوم هى صديقتى ...

ترى متى ينتهى هذا الليل الطويل .... مررت بلحظات ظننت انها كابوس سوف استيقظ منه ... لكن انها الحقيقة ...

هذه هى جروحى و هذا هو سلاحى ... لا ... لا ... لا أظن انه كابوس ... يا ليته كان ...


مر عشرون يوما ... و نحن هنا ... و لقد نفذت المؤن ... و الماء ... لا طعام ... لا مصادر حياه ..
لا شىء سوى الوجوه الملطخة بالدماء و الطين ..
وجوه خائفة ... مترقبة .. ماعدا الجندى القابع هناك ... ترى ما اسمه ... لم ينطق بحرف واحد ...
اهو رابط الجأش كما يبدوا .. انه ماكث فى هذا الركن المظلم ...
اراه يفكر ... ربما فى حبيبته ... تزيغ عينيه يمينا ...
تلمع بدموع مكبوتة ... نعم فهو يخشى البكاء ... فالحرب خلقت للرجال ...
لكن أبكى يا صديقى أبكى إن اردت ...
لكنه ينظر لأعلى ... يراقب السماء مثلى ... لعله ينتظر نهايته ...
يجلس القرفصاء كالآخريين يحمل سلاحه بين فخذيه و فهوته لأسفل ... نعم .. فقد سئمت القتال ...
لقد بكت الأله و أعلنت عصيانها ... لقد بكى و صرخ ... نعم صرخ الجماد على دماء الضحايا ...
لم يعد السلاح قادرا على اطلاق النار ...

كل هذا و الجندى فى مكانه ... يناجى السماء ... يطلب الرحمة ...

ما أفظع الخوف ... انه وحش ينهش فى الصدور .. ينهش فيها بعنف .. و كان بالأمس صديق ... حل اينما وجدنا ...

لينهش صدور الاخريين ...كان كالوحش الرضيع ... يحبو ... يزحف ... حتى ينمو ... ليأكل و يسيطر .. لقد انقلب ضدنا ...

و أصبحنا تحت رحمته ...

وفى لحظة ما خرق الصمت صوت رفيقى .....

الرفيق : ديفيد .. ديفيد أتسمعنى ... امازلت حيا ...

ديفيد : نعم ... اسمعك ... على الأقل هذا ما اشعر به الان ..

الرفيق : لقد سمعت انهم العرب لا يقتلون الاسرى

ديفيد : هذا هو أملنا الوحيد ... القابع فى صدورنا ... نتمنى الرحمة

الرفيق : الرحمة ....!!!!

ديفيد : نعم هى .... لكن من اين تأتى ... و قد قتلنا ذويهم !!!

الرفيق : نعم ... لقد فعلناها بعيون جامدة و قلب كالحجر !!!

ديفيد : قتلنا و لم نرحم ... كنا جنود نطيع الاامر !!؟؟ أم شباب عابث ؟؟ أم باحثون عن الجنة !!!

الرفيق : دوما كنت اسأل نفسى هذا السؤال !!!

ديفيد : أعتقدنا ان ما دوننا هم قطيع من الحملان ... خلقوا ليذبحوا .. لا نسمح بأجسادهم ان يواريها التراب

الرفيق : كانوا صامتون .. مستسلمون .. ابرياء .. ليسوا بجنود ..

ديفيد : نعم .. و هاهم جنودهم أتت ... و جاء دورنا ... لنذوق الكأس

الرفيق : لعلهم يرحموننا ... فلو أرادوا قتلنا لفعلوها بالأمس ... أمم تراهم يعذبوننا بداء الخوف .. لا أعرف ..

ما رأيك أنت ..... ديفيد ..... ديفيد .... أجبنى !!! لماذا هذا الصمت !!؟؟

ديفيد : هشش .. انه يقينى الذى يحدثنى ..

يقول انه العدل الذى أفتقرناه ...

وانسانيتنا التى ضلت الطريق إلينا... هل كان قتلانا من العرب يشعرون بما نشعر به الان ؟؟

أرانى أثق بك منذ بدء الحرب يا رفيقى ... فأسدنى صنيعا ... لعله آخر صنيع و إن كتبت لك الحياه بعد الان ...

فأخبر عمى اننى احبه ...و كنت جنديا كما أراد .. وبلغ زوجتى ... بآسفى ... فأنا لم أعد قادرا على الحب ...

نعم أخبرهم جميعا أن كتبت لك الحياه .. أننا كنا جنود و ما قاتلنا كذلك ...

.فأيدينا الملوثة بالدماء لن تقدر على زرع الحياه ... و قلوبنا مليئة بالخوف ستعجز عن الحب ...

قتلت دوما و دمرت دوما فقد اعتادت أيدينا على ذلك ...

بعدها انتشرت جنود المقاومون ... اكتسحوا ثكنة ديفيد

و انتشر الدم و القتل

و ذهب ديفيد

و ذهب الجميع ...

و لم يبقى غير الرفيق .... ظنوه ميتا ... لكن روحه مكثت متشبثة بالحياه ...

التقتته وحدة انقاذ و عادت به للوطن المزعوم ....

و ها هو قد تماثل جسده للشفاء ... لكن قلبه مازال جريح ... يتذكر ديفيد و الأخرون .. و الرسالة.

Mohamed Moursy

Alexandria 27/2/2008

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

اتمنى ان تصل رسالتى الى الجميع و ان يفهما العدو قبل الصديق من اجل حياة و مستقبل افضل ..... لنا جميعا !!!!